الاثنين، ١٣ أغسطس ٢٠٠٧

عقوبة حد الردة اساءة للاسلام


طفت على السطح في الفترة الاخيرة عدة قضايا صنفت على انها قضايا راى عام يدور محور الحديث فيها عن مشكلة حرية الاعتقاد في الاديان, تلك القضايا كان من الممكن التعامل معها بسهولة لو كان مجتمعنا منفتح قليلا على الآخر ومتسامح مع المتناقض, لكن من الواضح تماما ان المجتمع المصرى يسير بكل اقدام نحو الهاوية وبلا تردد ...

عندما برزت مشكلة المواطن محمد حجازى الذى اعتنق المسيحية عن اقتناع وبلا ادنى رغبة فى الرجوع للاسلام ظهرت معه امراض المجتمع المصرى المسلم وسوء تفسيره للنصوص الدينية بما يخدم مصالحه فقط, ونسى او تناسى شيوخ الاسلام ان مسألة تحول الانسان من معتقد لمعتقد حرية شخصية لا يصح التدخل فيها واجبار الآخر على اعتناق ما لايرغب, وهنا لابد ان نشير الى ان مفهوم الحرية بشكلها الصحى لم يصل بعد لعقلية شيوخ الاسلام الذين ما انفكوا يصرون على تفسير النص الدينى بعقلية عفى عليها الزمن ولم تعد صالحة لزمن حقوق الانسان والديموقراطية واحترام حرية المعتقد "ايا كان", ورأينا كيف تتحكم الازدواجية والكيل بمكيالين فى تصرفات المسلمين تجاه غيرهم, فنرى على سبيل المثال ان دعوة المسيحيين للاسلام مشروعة ولا خلاف عليها, فى حين يعتبرون حملات التبشير المسيحية كارثة واثم وهجوم على الاسلام لابد من ردعه, ونرى كذلك كيف تصبح الاجراءات القانونية والشرعية سهلة وميسرة عند التحول من اى دين او ملة الى الاسلام, وكيف يتحول الامر لقضية راى عام وشد وجذب وتكسير عظام عندما يرغب فرد فى التحول عن الاسلام, بل وتصيح المنابر بكل حرقة قائلة بوجوب القصاص من المرتد طبقا للدين وذلك بقتلة حتى يكون عبرة لغيره وحتى لا يسمح بحرية الدخول والخروج من الاسلام للحفاظ على هيبته ومنع التلاعب به, والسؤال الذى يشغل بالى بحق ولا اجد اجابة له يتلخص فى الآتى, اذا لم يكن الاسلام ينادى بحرية الرأى والمعتقد, فلماذا سمح بتلك الحرية لغير المسلمين للتحول للاسلام ؟ ولماذا سمح بوجود "المؤلفة قلوبهم" رغم انهم يعتنقون الاسلام ظاهريا ؟ ولماذا نجد اكثر النصوص الدينية تتحدث عن حرية المعتقد ونبذ الاكراه فى الدين ووضع حد بين "ديننا ودينهم" ؟

الغريب فى الامر اننا لا نجد اى اشارة فى القراّن الكريم من خلال ال 72 اّية التى تتحدث عن التشريع فى الاسلام الى وضع حد للردة عنه, ولم نجد اى اشارة لعقوبة دنيوية للمرتد سواء جسدية ( القتل او التعذيب ) او نفسية ( كالنبذ او سوء المعاملة ), وان كل ما ذكر عن المرتد فى الاسلام ان عقابه فى الآخرة سيحاسبه عليه ربه الاعلم بما فى القلوب, ولم يخص الله عز وجل اى انسان بالحكم على المرتد فى الدنيا, والاغرب ان المرة الوحيدة التى ذكرت فيها عقوبة المرتد فى الاسلام كانت من خلال حديث شريف ورد فى البخارى نصه ( عن ابن عباس رضى الله عنه قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ومن بدل دينه فاقتلوه" ), وهو كما نرى حديث اّحاد, ومن المعروف ان حديث الآحاد ضعيف ولا يؤخذ به, وهو ما ينقلنا بطبيعة الحال للقراّن الكريم الذى اوضحنا فيما سبق انه لا ينص على عقوبة دنيوية للمرتد فيه, وهنا يتضح لنا بدون ادنى شك ان الاسلام وقراّنه يحترمان حرية الرأى ويحضان عليها ولا يرضون اجبار الانسان على اعتناق ما لايرغب اذا بلغ ورشد, وهو ما ينقلنا الى نقطة اخرى ...

كيف نتعامل مع مواطن اراد اعتناق اى دين او معتقد او فكر غير الاسلام ثم منعناه واجبرناه على البقاء فى الاسلام مرغما ؟

اولا سيؤمن هذا المواطن ان الاسلام دين يقيد حرية البشر ولا يحترم رغبتهم وبالتالى سيزيد عداؤه للاسلام بما لا يصب فى مصلحته الشخصية ولا مصلحة المحيطين به, ورغم اعتناق هذا المواطن لدين اّخر غير الاسلام باطنا فانه ظاهريا مسلم, ولهذا يحل له بالقانون والشرع الزواج من مسلمة, وهو ما يخالف الاسلام نفسه, ثم ستظهر مشكلة اخرى متمثلة فى اصرار المواطن التارك للاسلام والمعتنق لديانة اخرى على ممارسة شعائر وطقوس ديانته الاخرى رغم انه على قوة الاسلام والمسلمين, وبالتالى لن يمارس شعائر الاسلام ولن يرغب فيها, وهو ما يوصلنا للنتيجة الطبيعية :

ما الفائدة التى ستعود على الاسلام من اجبار شخص على اعتناق دين لا يرغبه ولا يمارس شعائره وطقوسه وقد يضر هذا الدين بسبب كرهه له لاكراهه عليه وقد يؤدى فيما بعد لمشكلة شرعية وقانونية متمثلة فى ابناء لا ينتمون لاب مسلم فعليا وانما على الورق فقط ؟

وينبغى هنا ان نشير ايضا الى مدى التأثير السىء الذى تحدثه تلك الافعال على صورة الاسلام عموما, لانه لا تفسير لقتل من يتركه الا انه دين يعادى حرية الفكر والرأى وينتزع عنوة الايمان ظاهريا وينفى تماما صفة الروحانية والباطنية, ولو تدبرنا الامر قليلا سنجد ان فرد او فردين او مائه او الف او مليون لن يقللوا من قيمة الاسلام ولن ينتقصوا من انصاره البالغ عددهم مليار وربع انسان شيئا, انما يقلل من شأن الاسلام حقا ويفتح الباب على مصراعيه لمنتقديه من يظهره دين عداء وحرب وقتل وارهاب واجبار وسطحية, وهو ما نراه من اكثر الاصوات ارتفاعا دفاعا عنه كالدبة التى قتلت صاحبها ...

ليست هناك تعليقات: