الثلاثاء، ٢٥ نوفمبر ٢٠٠٨

العلمانية الأسبانية كما نطالب بها



قاض إسبانى يطالب مدرسة حكومية للمرة الأولى بإزالة الصلبان من الفصول والأماكن العامة

======================================

أمر قاض إسبانى، وللمرة الأولى، مدرسة حكومية بإزالة الصلبان المعلقة على جدران غرف الصف، حسب ما ذكرت صحف أسبانية أمس الأول.

وصدر أمر القاضى فى مدينة فالادوليد تماشيا مع طلب تقدم به والد أحد التلامذة ورابطة علمانية محلية عام ٢٠٠٥ ، قالت إن الدستور الإسبانى يضمن «حرية الديانة» كما يؤكد أن الدولة الأسبانية هى دولة «علمانية محايدة».

وأمر القاضى اليخاندرو فالنتين المدرسة بإزالة «جميع الرموز الدينية من غرف الصف والأماكن العامة».

وقال القاضى فى معرض حكمه إن «وجود مثل هذه الرموز فى الأماكن التى يتلقى فيها الصغار تعليمهم تشيع فكرة بأن الدولة أقرب إلى الكاثوليكية منها إلى الأديان الأخرى».

http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=187768&IssueID=1235

=========================================

خبر صغير لكنه يحمل في طياته الكثير والكثير مما يمكن أن يقال, إسبانيا الدولة المسيحية الكاثوليكية تمنع الصلبان والرموز الدينية المسيحية في مدارسها بأمر القضاء لأنها ضد العلمانية وحيادية الدولة, لم يعترض أحد, لم يقول لننصر المسيحية, لم تخرج المظاهرات, لم ينعق المتطرفون, هذه هي العلمانية التي نتحدث عنها, وهذه هي حيادية الدولة التي لطالما طالبنا بها.....

الدولة لا دين لها, الدولة كيان إعتباري لا يحمل شخصية ذات صفات إنسانية محددة مثل التدين أو الإنحياز أو التعصب لفئة على حساب الأخرى, لا تنصر دين على دين, ولا تقوم أجهزتها برعاية دين ونبذ الآخر, هذه هي العلمانية التي تحافظ على ترابط شعب الدولة الواحد مهما إختلفت وتعددت دياناته ومعتقداته ومذاهبه, لا للرموز الدينية بكافة أشكالها وأنواعها, لا للحجاب والنقاب والإسدال, لا للسلاسل التي تحمل الصليب, لا للصليب على الرسغ الأيمن, لا للملصقات في الشوارع ووسائل المواصلات, لا لحصص الدين التي تفرق بين الطلاب, لا لأصوات الآذان التي ترتفع مهما كان الوقت ومهما تسببت من إزعاج, لا للخطب الدينية التي تثير متبعي الأديان ضد بعضهما البعض, لا للبرامج الدينية في غير القنوات المتخصصة, على أن تكون القنوات الدينية تحت رقابة علمانية صارمه حتى لا تتحول لمنابر تثير الفتن الطائفية وتنمي الأحقاد وتزرع الحقد والكراهية.....

هذه هي العلمانية التي نرغبها ونموت لأجلها, إتركوا الدين للإنسان فقط لا غير, ولنوقف الدعوة والتبشير وحد الردة والثأر الديني ومقارنة الأديان والمناظرات الدينية....

تحيا أسبانيا, تحيا العلمانية

الأربعاء، ١٩ نوفمبر ٢٠٠٨

القضاء السعودي بين الأحكام السماوية والقوانين الوضعية


كثر الحديث عن مدى مشروعية الحكم الصادر بحق الطبيبين المصريين والذين حوكموا بتهمة التسبب في إدمان مريضة سعودية, وهل هو حكم شرعي طبقاً للشريعة الإسلامية أم هو حكم جائر لا وجود له في الشريعة, وفي مقالنا الحالي نلقي الضوء على الحكم ومدى ملائمته للشريعة الإسلامية مع توضيح الجوانب السلبية المحيطة به.....

عقوبة الجلد في الشريعة الإسلامية نوعين:
الأول: الجرائم الحدية، وذلك في ثلاثة حالات فقط:
1. شرب الخمر أو أي مسكر، وهو أربعين جلدة
2. قذف المحصنات، وهو ثمانون جلدة
3. الزنا لغير المتزوج، وهو مائة جلدة
الثاني: العقاب التعزيري، وهو الذي تُرِكَ تحديد مقداره للحاكم، أو السلطة التشريعية، أو القاضي، وهذا لم يُتْرَك بلا ضابط، فحده ألا تزيد عدد الجلدات عن عشر جلدات، وذلك بنص ما روي عن أبي بردة قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى" رواه البخاري ومسلم

مما سبق يتضح لنا أن عقوبة ال 1500 جلدة المفروضة على الطبيبين لا وجود شرعي لها على الإطلاق في الشريعة الإسلامية, وإذا أضفنا لها عقوبة السجن 15 عاماً نجد انفسنا أمام معضلة لا تفسير لها لدى القضاء السعودي, تلك المعضلة تتلخص في الكيفية التي خلط بها القضاء السعودي بين حكم سماوي (الجلد) وحكم وضعي (السجن), فمن المعروف تاريخياً أن السجن لم يكن عقوبة معمول بها في وقت الرسول (ص), كذلك لم يُعمل به كعقوبة سماوية في كل العهود التي تلت وفاة الرسول, وبالتالي فإعتبار عقوبة السجن من ضمن الشريعة الإسلامية هو خلط غير مقبول ولا سند له في المصادر الرئيسية للتشريع (القرآن الكريم-السنة النبوية-السيرة المحمدية), وإذا كانت المملكة السعودية تتباهى دوماً بأنها الدولة الإسلامية السنية الوحيدة التي تطبق شرع الله فلماذا تستخدم قوانين وضعية (هي من وجهة نظرها مرفوضة أمام القوانين الإلهية) بجانب قوانين الشريعة الإسلامية؟

من جهة اخرى, من المعروف في أحكام القضاء أن إزدواجية العقاب يعتبر حكم باطل في جميع الأحوال, ولا يجوز للقاضي أن يحكم بحكمين مختلفين على نفس المتهم, فما بالنا إذا كانت العقوبتين إحداهما سماوية والأخرى وضعية في دولة القضاء فيها قضاء ديني بحت يستند فقط للمصادر الإسلامية الرئيسية في التشريع؟

لم يرد من قبل حكم في التاريخ الإسلامي مستند إلى المصادر الرئيسية للشريعة الإسلامية حدث فيه أن عوقب المتهم بالجلد بهذا العدد المهول من الجلدات إلى جانب السجن بتلك المدة الطويلة, والحوادث الوحيدة التي لها ذكر في التاريخ الإسلامي بشأن إزدواجية العقوبة أو قسوتها بما يتعدى العدد الشرعي للجلدات كان من نصيب الصحابة, ومن المعروف أنه لا يعتد بفعل الصحابي أو قولة إذا تعارض مع الشريعة الإسلامية بكل مصادرها.....

فما هو المبرر إذاً من الحكم الصادر من القضاء السعودي؟ وعلى ماذا إستند القاضي في حكمه؟ لو كان إستناده للشريعة كما تدّعي المملكة فالشريعة مختلفة كلية في حكمها, ولو كان إستناده لقانون وضعي فلتكف المملكة عن تباهيها بتطبيقها للشريعة ومطالبتها لجيرانها بالمثل وإلا فهم كفرة كما يقول شيوخها وحاكميها.....

هنا ينبغي لنا أن ننظر بعين الإعتبار للدعاوى المطالبة بتطبيق الشريعة في مصر أو غيرها من الدول العربية, فإذا كانت الدولة الأولى الراعية للإسلام والمطبقة الوحيدة –كما تقول- للشريعة الإسلامية تطبق قوانين ما انزل الله بها من سلطان, فما بالنا بالدول التي حكمها مدني ودستورها وضعي مثل مصر؟ إذا كانت الشريعة غير مطبقة في بلد الرسول والإسلام والتي يسكنها أغلبية مطلقة من المسلمين مع أقلية تعد بالآلاف فما بالنا بدولة مدنية يسكنها ما يقرب من 12 مليون قبطي؟ هي دعاوى في النهاية خيالية وتأتي من دولة لا تفعل ما تنصح ولا تطبق ما تفرضه على غيرها ولا تهتم بالعدل الذي هو أساس الملك (أو الحكم) على رعاياها من جيرانها, أما الحكم الصادر بحق الطبيبين المصريين فهو ليس بحكم قضائي خالص, وإنما تشوبه شُبهة سياسية ومن الممكن القول أيضاً إنتقامية أو تحقيرية, والسؤال الواضح هنا, ماذا سيكون حكم القضاء السعودي إذا كان المتهمين يحملون الجنسية الأمريكية أو جنسية الإتحاد الأوروبي؟ أعتقد الإجابة واضحه ولا تحتاج لتفكير.....


السبت، ١ نوفمبر ٢٠٠٨

نصف كم الرجال يثير الغرائز أيضاً!

جريدة القدس العربي

صحيفة "القدس العربي" نشرت خبر عن استاذ في جامعة الازهر طالب الرجال بعدم لبس أي ملابس "نصف كم" والبنطلونات الضيقة التي تظهر العورة، لدرء الفتنة.

ونقلت الصحيفة عن تقارير صحفية محلية قولها إن "العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية بنات بمحافظة كفر الشيخ (اقصى شمال دلتا النيل) محمد أبو زيد الفقي قال في خطبة الجمعة في أحد مساجد مدينة كفر الشيخ إن قمصان الرجال ذات الازرار المفتوحة والـ"تي شيرت" نصف كم تثير إعجاب النساء بالرجال."

وطالب الفقي أيضاً "السلفيين الذين يقصرون جلبابهم ويكشفون جزءا من أقدامهم بارتداء الجوارب لعدم إثارة النساء ومنعا لإثارة إعجابهن، مشيرا إلى أنه سأل بعض النساء عن لبس الرجل قميصا أزراره مفتوحة أو 'تي شيرت' نصف كم، فقلن إنهن يستحين من إعجابهن بالرجل، لكنه لا يصل إلى حد الإثارة."

http://arabic.cnn.com/2008/middle_east/10/28/news.arab/index.html
--------------------------
--------------------------------------------------------------

إذاً فقد حان وقت فرض الحشمه على الرجال أيضاً! ولم لا؟ فهذا ما قلناه من قبل؟ ومن الممكن ان نجد في المستقبل المشرق القريب رجال بحجاب او نقاب وقد يهم تلك ايتطور الأمر لنقاب بعين واحده كما هو الحال في النساء الآن!

وهكذا تدور الدائرة ليجد الرجال أنفسهم في نفس موقف النساء الذي لطالما أيدوه من قبل, وليشعروا ولو بالقليل من شعور النساء المحجبات والمنقبات الذين فرضت عليهم تلك الأزياء تحت غطاء الحشمه والعفه والشرف, فلننتظر الآن لنرى كيف سيتصرف الرجال عندما يواجهون بنفس المبررات التي ساقوها للنساء, وهي انهم يثيرون فتنة النساء وشهواتهم وغرائزهم للدرجة التي طالبوا فيها بتغطية أقدام الرجال بجوارب حتى لا يفتتنوا من منظر أقدامهم البديعة!

لا أعلم لمتى ستستمر تلك المهازل؟ ولا أعلم لما سيستمر التنافس بين شيوخ السعودية وشيوخ مصر على من منهما أكثر تطرفاً؟ في النهاية الخاسرون أكثر بكثير من الرابحون, وسيزداد الهجوم بالطبع على الإسلام ومشايخه, وسنرى قريباً الصراع بين الرجال على من منهم أكثر تحشماً وعفة من الآخر كما هو الحال بين النساء المحجبات والمنقبات اللائي يزايدن على بعضهن البعض فيمن فيهن أكثر تديناً وحشمه من الأخرى!

إستعدوا يا رجال, فقد حان وقت تحجيبكم ....

زواج طفلة الاربع سنوات بطفل السبع سنوات, من السبب؟



البيان الإماراتية

ومن العروس التي تحملت المشقة، إلى عروس لم تعرف شيئاً بعد، إذ قالت صحيفة "البيان" إن "الشرطة الباكستانية داهمت حفل زفاف لطفلين في مدينة كراتشي واعتقلت رجل دين عقد قران طفلة عمرها أربع سنوات على طفل في السابعة."

وذكرت الشرطة أنها داهمت منزلاً مساء الخميس في أعقاب شكاوى من السكان من بينهم المسؤول الحكومي السابق نازاكات حسين، الذي قال إن الطفلة جرى تزويجها مقابل حوالي 500 ألف روبية (6138 دولار)، وفقاً للصحيفة.

ونسبت الصحيفة إلى حسين قوله: "لاحظنا بعض التجمعات في هذا المنزل على مدى يومين.. والليلة الماضية توجهنا إلى هناك ورأينا الطفلة تزوجت بالفعل.. لذلك قمنا باستدعاء الشرطة."

وقالت الصحيفة إن "الشرطة اعتقلت والد الطفل لكن والد الطفلة لاذ بالفرار.. وذكر بعض السكان أن الزواج عقد لتسوية نزاع أسري قديم."

http://arabic.cnn.com/2008/middle_east/11/1/press.arabs/index.html

==========================================================

وهذا نص الحلقة (33) من مذكرات يوسف القرضاوي:


كانت ليلة حافلة جياشة بالعواطف والمواقف. وقد ودعتني الطالبات بمثل ما استقبلنني به من المودة والابتهاج، وكان في وداعي عدد منهن صحبنني إلى الباب، وقد استرعى انتباهي إحداهن، وزميلاتها ينادينها باسمها: أسماء. فقلت لها: هل أنت أسماء صاحبة الكلمة على المنصة؟ قالت نعم: أنا هي. فلما نظرت إليها عن قرب قلت: سبحان الله! لقد جمع الله لك يا أسماء بين الجمال الحسي، والجمال الأدبي، أعطاك الله الذكاء والبيان، وحضور الشخصية، والجمال والقوام. بارك الله لك يا ابنتي فيما منحك من مواهب، وبارك لك في فصاحتك، وبارك لك في شجاعتك، وبارك لك في ثقافتك. لقد أثلجت صدورنا بردك القوي البليغ.

فقالت: لعل كلمتي حازت رضاك يا أستاذ!

قلت: أكثـر من الرضا، ولست وحدي، ولكن كل المدعوين من العلماء والدعاة عبروا عن رضاهم وإعجابهم. زادك الله توفيقا.

قالت: ما أنا إلا تلميذة من تلميذاتك وتلامذتك الكثيرين هنا، لقد تتلمذنا على كتبك من بعيد، ونتتلمذ عليك اليوم مباشرة من قريب. وقد رأيت وسمعت كيف يحبك الجميع.

قلت: إذا كان تلاميذي على هذه الدرجة من نضج التفكير، وبلاغة التعبير، فقد يغرّني هذا كأستاذ!


قالت: كتبك العلمية والفكرية ساعدتنا على أن نستكمل ثقافتنا الإسلامية، وأسلوبك الأدبي والشعري ساعدنا على أن نقوِّم تعبيرنا العربي، وقد كنا نتدارس كتبك في حلقاتنا التربوية.

قلت: وهل عرفتم شيئا عن شعري؟


قالت: نحفظ نشيد (مسلمون) وكنا نتغنى به في لقاءاتنا الإسلامية، وننشده بصورة جماعية، فيثير فينا الحماس والاعتزاز.


كما نحفظ بعض الأبيات من قصيدتك (النونية).

قلت: في أي الكليات تدرسين؟ وفي أي التخصصات؟

قالت: في كلية العلوم والتكنولوجيا، وفي قسم الرياضيات.

قلت: يا سبحان الله! كنت أحسب أنك في كلية شرعية أو أدبية. أنت مثل بناتي الأربع، كلهن في تخصصات علمية. وعلى فكرة، ابنتي الصغرى أسمها أيضا أسماء، وأظنها في مثل سنك.

قالت: أرجو أن تبلغها تحياتي.

قصة زواجي الثاني

كان هذا هو الحديث العفوي الذي دار بين تلميذة وأستاذها، أو بين مريدة وشيخها، أي بيني وبين الطالبة النابهة اللامعة أسماء بن قادة.ولم أكن أدري أن القدر الأعلى الذي يخط مصاير البشر، قد خبأ لي شيئا لا أعلمه، فقد حجبه عني ضمير الغيب. وأن هذا الحديث التلقائي بيني وبين أسماء -الذي لم يتم بعده لقاء بيننا إلا بعد سنتين كاملتين1- كان بداية لعاطفة قوية، أدّت لعلاقة وثيقة، انتقلت من عالم العقول إلى عالم القلوب، والقلوب لها قوانينها وسننها التي يستعصي فهمها على كثير من البشر، وكثيرا ما يسأل الإنسان: ما الذي يحوّل الخليّ إلى شجيّ؟ وما الذي يربط رجلا من قارة بامرأة من قارة أخرى؟ أو ما الذي يحرك القلوب الساكنة، فتستحيل إلى جمرة ملتهبة؟ حتى ترى النسمة تتطور إلى إعصار، والشرارة تتحول إلى نار! ولا يجد المرء جوابا لهذا إلا أنه من أسرار عالم القلوب. ولا غرو أن كان من تسبيح المؤمنين: سبحان مقلب القلوب! وقد قال الشاعر:

وما سُمِّيَ الإنسان إلا لنسيه

وما القلب إلا أنه يتقلب!

وفي الحديث: "إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء"2، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه ويسوي بينهن في الأمور الظاهرة، ثم يقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك" 3 يعني: أمر القلب! فقد شاء الله أن يتطور الإعجاب إلى عاطفة دافقة، وحب عميق. لا يدور حول الجسد والحس كما هو عند كثير من الناس، بل يدور حول معان مركبة، امتزج فيها العقل بالحس، والروح بالجسم، والمعنى بالمبنى، والقلب بالقالب، وهذا أمر لا يعرفه إلا من عاشه وعاناه.


كما قال الحكيم: من ذاق عرف! وكما قال الشاعر:

لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها!


وقد يعذل العاذلون، ويلوم اللائمون، ويعنّف المعنفون، ويقول القائلون: لم؟ وكيف؟ كيف يحب الأستاذ تلميذته؟! أم كيف يحب الشيخ الكبير فتاة في عمر بناته؟! وهل يجوز أن يكون لعالم الدين قلب يتحرك ويتحرق مثل قلوب البشر؟ ولا جواب عن ذلك إلا ما قاله شوقي في نهج البردة: يا لائمي في هواه والهوى قدر.. لو شفّك الوجد لم تعذل ولم تلم


على أن أساس هذا العذل واللوم هو أن كثيرا من الناس يهبطون بهذه العاطفة النبيلة (عاطفة الحب) إلى أنها تعلق جسد بجسد، وهو تصور غير صحيح، وتصوير غير صادق، وإن صدق في بعض الناس، فليس يصدق في الجميع. وقد وصفت هذا الحب، فقلت:


حب أرواح تسامت عن سُعار واشتهاءْ

فليقل من شاء هذا الحب وهم وغباء

ليس في عالمنا حــب سوى حب البقاء

ليس في الدنيا سوى حـــب سباع لظباء

نحن في عصر الحواســيب وغزْوات الفضاء

فذرونا من جوى قيس وليلى والبكاء

فليكن عصركم ما شئتمو يا أذكياء

إن دنياكم بغير الحـــب قشر وغثاء

إنها مبنى بلا معــــنى ورسم في الهواء

إنها تمثال إنسا ن من الروح خواء

إن سر الكون في حرفــين: في حاء وباء!

أسماء بنت الصحوة


فقد كانت أسماء من بنات الصحوة الإسلامية، في الجزائر، ومن زهرات ملتقيات الفكر الإسلامي، وكانت بعد كلمتها في ملتقى الصحوة بالعاصمة، معروفة لدى رموز الملتقى وشيوخه الكبار، قريبة منهم، كالشيخ الغزالي، والدكتور البوطي والفقير إليه تعالى. وكنت أقربهم إليها، وكانت تدهش الجميع بأسئلتها الواعية، ومقترحاتها المفيدة. ولم تكن فتاة معقدة ولا مرتبكة، بل بدا لكل من اقترب منها أنها فتاة مثقفة ثقافة متوازنة ومتكاملة، علمية وأدبية، دينية ودنيوية، شرعية وعصرية، وأنها مع إتقانها للغة الفرنسية -التي يتقنها النخب من الجزائريين- تتقن العربية بصورة تلفت الأنظار.

وأنها قارئة جيدة لتراث مالك بن نبي، كما قرأت لعدد من العلماء والمفكرين الإسلاميين في المشرق العربي، وعلى رأسهم الشيخ الغزالي، والعبد الفقير، وكل كبار الكتاب الإسلاميين على اختلاف مدارسهم وعروقهم وبلدانهم. بل قرأت لغير الإسلاميين أيضا، ولكنها تقرأ قراءة من يفحص وينقد وينتقي. وكان لها نشاطها الدعوي والثقافي في المساجد والأندية، وفي المعاهد والجامعات، وفي الإذاعة والتلفزيون الجزائري، بل كانت هي أول فتاة جزائرية محجبة تظهر على الشاشة الصغيرة، وتجتذب المشاهدين والمشاهدات.


ومع هذا لم تقبل أن تنتسب إلى أيٍّ من الجماعات أو المدارس الفكرية أو الدعوية على الساحة الجزائرية. حاول من يسمونهم: دعاة (الجزأرة) أن يضموها إليهم فاستعصت عليهم، وحاول دعاة الإخوان أن يجروها إلى جماعتهم؛ فأبت عليهم أيضا، بل دعاها الأخوات (القبيسيات) المعروفات بالعمل الدعوي والتربوي في سوريا إلى زيارتهن هناك، ونزلت ضيفة عليهن مدة من الزمن، وكن يطمحن إلى أن يكسبنها لجماعتهن؛ فلم يمكنهن ذلك.


وكانت لأسماء صديقة تعد من داعيات جماعة الإخوان (جماعة الشيخ محفوظ نحناح)، هي الأخت دليلة أو (هالة) تصحبها دائما إذا أرادت زيارتي. وقد أرادت أختنا الفاضلة -حين لاحظت اهتمامي بأسماء- أن تنبهني إلى أنها ليست عضوا في الجماعة! فقلت لها: أعرف ذلك، وقد أفضل أن تكون كذلك. فمن الناس من الخير له أن لا يرتبط بعضوية جماعة من الجماعات، لا لآفة فيه، ولكن لأن طبيعته ترفض القيود والالتزام برأي غير رأيه. وهذا لا يصلح للجماعات ولا تصلح له الجماعات.


قلت لأسماء مرة: لماذا سموك (أسماء بن قادة) ولم يقولوا: (بنت قادة)؟!

قالت: (بن قادة) هو لقب العائلة المتوارث والمعروف. ثم قالت: هل تعرف الأمير عبد القادر؟

قلت: حق المعرفة. إنه أمير على ثلاثة مستويات: أمير في الجهاد، وأمير في العلم، وأمير في السلوك والتصوف.


قالت: إن عائلتنا هي جزء من عائلة الأمير، رحمه الله.

قلت: أنعم وأكرم. وأنا أعرف أن الأمير ينتمي إلى سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما، فعائلته هاشمية حسنية.

قالت: هي كذلك. ولكن والدي يحذرنا أن نعتمد على النسب الحسني، ونفخر بذلك، وندع العمل والجد.

قلت: نعم هذا التوجيه من أبيك. وهو موافق لما جاء به نبينا العظيم في قوله: "من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه".4


وقد دعاني بعد ذلك والدها الأستاذ محمد بن قادة على العشاء في منزلهم بحي الرستمية بمنطقة الأبيار، وهي من أرقى المناطق في العاصمة، فلم يسعني إلا أن ألبي دعوته. وتعرفت على الوالد والوالدة، وعلى إخوتها، وهم ثلاثة، وعلى أخواتها، وهن ستّ، ثلاث منهن يحملن الدكتوراه في الفلسفة وفي الاجتماع وفي الجراحة.


ووالدها رجل معروف في المحيط الأكاديمي والتربوي: إنه (أبو الرياضيات) في الجزائر. والجميع يعرف دوره المرموق والرئيسي في تعليم الرياضيات، وفي تعريبب الرياضيات بعد الاستقلال، وكان يصدر مجلة تحمل اسم (الخوارزمي).


وقد مضت سنوات، انتهت أسماء فيها من دراسة الرياضيات، وحصلت على شهادة الباكالوريوس بامتياز. ثم انتقلت إلى تخصص آخر، في مجال آخر مغاير تماما، هو العلوم السياسية. وفي هذه السنوات كنت أواري حبي، وأكتم عاطفتي في نفسي لاعتبارات شتّى. ولكل إنسان منا طاقة في الكتمان والصبر، ثم تنفد طاقته بحكم الضعف البشري. ولا بد أن يأتي يوم يبوح فيه الإنسان بما في أعماقه.


وجاء هذا اليوم لأبث أسماء ما بين جوانحي من مشاعر وأشواق، في رسالة كتبتها إليها سنة 1989م، وأنا أقدم رجلاً وأؤخر أخرى. فلم يكن بالأمر العاديّ ولا السهل أو الهين عليّ أن أصارحها بحبي وبيني وبينها عقود من السنين تفصل بيننا. وكانت مفاجأة لها، فكرت فيها مليّا، وترددت كثيرا قبل أن تأخذ قرارها الذي لم تقدم عليه إلا بعد استخارة واستشارة، فلا خاب من استخار، ولا ندم من استشار. وقد كان ردها بردا وسلاما على قلبي، ولكم كانت فرحتي عندما وجدتها تجاوبت معي، وأحسست بسعادة غامرة أشبه بالسعادة التي تحدث عنها الصوفية حين قالوا: نحن نعيش في سعادة لو علم بها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف! فقد تلاقت روحانا، بعد أن تعارفنا في عالم ما قبل المادة. وفي الحديث الصحيح: "الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف".5

1- فلم يقدر لي أن أشارك في ملتقى صيف 1985م، حيث أجريت عملية جراحية (انزلاق غضروفي) في ألمانيا، فلم أتمكن من الحضور.

2- رواه مسلم (2654) عن عبد الله بن عمرو.

3- رواه أبو داود (2134) عن عائشة.

4- رواه مسلم (2699) عن أبي هريرة.

5- متفق عليه: رواه البخاري (3336) عن عائشة، ومسلم (2638) عن أبي هريرة.!!!

http://www.thirdpower.org/show_art_main.cfm?id=25218
===================================================

في إعتقادكم زملائي الأعزاء, هل هي صدفه أن تكون الدول العربية والإسلامية هي الوحيدة التي تطبق زواج الأطفال وبمباركة ومشاركة شيوخها وعلمائها الأفاضل؟

ماذا دهاكم يا رجال الدين الإسلامي؟ هل أعمتكم الثروات وتغلبت عليكم الشهوات لدرجة إشتهاء الأطفال ومباركة زواذج ذات الأربع سنوات بذي السبع سنوات؟

أين ضمائركم التي هي مشذبه ومهذبه بالتدين؟

اين تشددكم في العادات والتقاليد والشرف والعفه امام عامة الناس حين تختلون بأنفسكم؟

أزمة حقيقية نعيشها مع علماء الإسلام والمسلمين من اتباعهم, ازمة بين التدين المطلوب بشدة وبشكل ملح, وبين الممارسات اليومية والاخلاق ومسايرة الحياة, وبين هذا وذاك يظهر التناقض والشيزوفرانيا والنفاق والخداع والمظهر الكاذب والكذب الفاضح.....