الأحد، ٣ فبراير ٢٠٠٨

عندما يقتل الأب إبنه, ماذا يتبقى ؟



صدمني تصريح والد الشاب محمد حجازي الذي قال فيه أنه سيدعو إبنه للرجوع عن قراره بتغيير ديانته من الإسلام للمسيحية وإذا لم يتراجع سيقتله بيديه, فهل وصلت ضريبة حرية الرأي والفكر لدرجة فقدان الحياة ؟ بل ويقتل بسببها أب إبنه بدم بارد ودون أدنى إعتبار للصلة الدم بينهما ؟

معركة حرية الفكر والتنوير مع قوى الظلام والرجعية وصلت لحد لا يمكن من بعده الإرتكان للزمن حتى يتكفل وحده بفض النزاع بينهما, فالصراع الآن بدأ يصل للتصفية الجسدية والإقصاء بقبض الأرواح, وهي درجة لا ينبغي السكوت عليها ولا إعتبارها طبيعية أو غير موجودة, وأن تصل الأمور لدرجة قتل الأب لأبنه مع سكوت كامل يمكن إعتباره تواطىء من التيارات الإسلامية التي تدّعي الوسطية والعقلانية لهو حد الخطر الذي تثار عنده الهمم لوقفه عند حده وإلا فإن القادم بالغ السوء والسوداوية .....

ومن جديد تدور التساؤلات حول ماهية الإنتقال من دين أو معتقد لآخر وهل هو خيانة عند البعض وحرية عند البعض الآخر أم هو حكم عام بالنسبه لجميع الأديان ؟ وهذا التساؤل مشروع تماماً إذا تذكرنا الحفاوة التي إستقبل بها علماء المسلمون والعامة بالطبع خبر إسلام روجيه جارودي المفكر والفيلسوف الفرنسي المسيحي, وعلى الناحية الأخرى الإستهجان العميق والهجوم الفادح على شاب بسيط لم يتجاوز الثلاثينات من العمر لا هو بالمفكر ولا بالعالم ولا الفيلسوف لمجرد قيامه بنفس الخطوة وهي الإنتقال من الإسلام للمسيحية, وعندما إنتقد بعض المتطرفين المسيحيين خطوة روجيه جارودي تعالت الأصوات الإسلامية التي تقول أن ما فعله يندرج تحت بند حرية الفكر التي تشرّعها القوانين الفرنسية ولا ضرر ولا ضرار مما فعله, مع أن نفس تلك الأصوات هي التي تنادي الآن بضرورة إقامة حد الرده على محمد حجازي إذا لم يستجيب للإستتابة ثلاثة أيام, بل ورحبت بقرار والده بقتله بيديه إذا لم يتراجع عن قراره, وهو ما يرجع بنا مره أخرى لنقطة الصفر, لماذا الكيل بمكيالين ؟ ولماذا تعود من جديد محاكم تفتيش القرون الوسطى بعد ما وصلنا لإعلان ميثاق حقوق الإنسان ؟

الرغبة المحمومه لجمع المزيد من الأتباع عن طريق الدعوة والحفاظ عليهم عن طريق الترغيب والترهيب وحد الردة هي أصل كل تقويض لحرية الفكر والإعتقاد وهي أيضاً أسرع وسيلة لنشر الفتن الطائفية والكراهية والحقد بين الأطراف المختلفة عقائدياً, وعندما يصل التعصب بين الطرفين لمداه يفقد الأتباع العقل والمنطق ويستغل القادة جنون التعصب في تأجيج المشاعر الحماسية وإشعال القلوب بكلمات تقطر تحريض وعنف وتطرف, وفي النهاية يذهب الأتباع ضحايا قوادهم, ويصبح القواد نجوم مجتمع بارزون, كلمتهم مسموعه في وسائل الإعلام, وصورهم تغطي الجرائد, وتتابع أخبارهم الفضائيات, ونرى منهم من يظهر ليقول أن الأديان أصلها واحد ووجب على أتباعها الحب والتآلف ونبذ أي خلافات, ونرى آخر يعانق قائد من الجبهة الأخرى في إشارة للوئام والمودة التي تجمع الفريقين, وفي نفس توقيت عناقهم الودي نجد في الكشح كلا الطرفين في وئام من نوع آخر, وئام الأسلحة النارية والدم, وتتكرر المشاهد بطريقة مملة للمشاهدين والسامعين في العديسات والأسكندرية وغيرها, وتستمر المشاهد العبثية بين قادة يصرون على أن الأمور هادئة والحب يعم الطرفين من ناحية, وعندما يبتعدون قليلاً عن عدسات المصورين وميكروفونات المذيعيين يقولون للأتباع الغلابة لا تصدقون كل ما تسمعون, الجانب الآخر كافر وينبغي محاربته وإلا سينتصر علينا, وتدور دائرة العنف والطائفية لنهاية محتومه لا مخرج منها سوى بإيقاظ العقول الغافلة والإهتمام بالأمر الواقع والبعد عن التصريحات الوردية التي تضر ولا تفيد .....

التفكير بعقلانية ومنطق هو المطلوب في تلك اللحظه الخطيرة التي تواجه النسيج المصري الذي لطالما كان أقوى من أن يتفتت بأيدي غريبة قادمه من صحراء جرداء لا تعرف لغة غير البداوة والتعصب القبلي, والعقلانية والمنطق تحتم علينا أن ننظر للأمور بنظرة موضوعية محايدة بعيداً تماماً عن أي إنتماءات فكرية أو عقائدية حتى ننقذ ما يمكن إنقاذه, ومن هذا المنطلق نوجه لأنفسنا هذا السؤال, ماذا سيحدث لو إعتنق كل فرد ما يراه مناسب له من دين أو أيدولوجية معينة طالما لا يؤذي من خلالها مجتمعه أو نفسه ؟ ما الضرر الذي سينشأ من نشر حرية الفكر بين المواطنين دون قيد أو شرط سوى ألا يفرض هذا الفكر على غيره بقوة السلاح أو حتى بقوة الكلمة ؟ هل نطالب بحرية إنشاء الأحزاب وننسى أن نطالب بحرية الفكر الفردي ؟ ما الذي جنيناه من التعصب والتطرف سوى الإرهاب والعنف الطائفي والكراهية ؟ هل يرضى الله عن أتباعه عندما يقتل الأب إبنه ويذبح الأخ أخاه وتقتل الأم طفلها بإسمه وإسم الدين ؟ كلها أسئلة لابد من أخذها في الإعتبار حتى نصل لحلول وسطية تمنع ما نراه من بدايات لشرارة فتنة قد تأخذ الأخضر واليابس إذا لم نوقف مشعليها ونتخذ من العقل المعيار الأول للحكم ....

هناك ٣ تعليقات:

rai يقول...

هذه هي الحرية بنظرهم هذا اراد قتل ابنه لكن الا تسمع الباقين من الهمج ماذا يرددون لرسولهم بفديهم لابائهم وامهاتهم من اجل الرسول وحتى لو كان ميت وبقبره !!

هؤلاء يردون الحرية لهم لكن لايردونها لغيرهم , نعم نحن نرحب بدخول الكل للاسلام لكن لا والف لا لكل من تسول نفسه من الخروج من الاسلام وكما يقول المثل المصري "هو دخول الحمام زي خروجه" :)

العقل اولاً يقول...

لا أجد ما يبرر القتل على الإطلاق لأي سبب من الأسباب حتى لو كان في سبيل الدين, ولا أعتقد أن الأديان تشعر بالنصر أو النشوة في حال قتل الأب إبنه أو الأخ أخاه ....

هو فقط التعصب والتطرف والميل للإنتصارات الزائفة ....

تحياتي صديقي ....

Fantasia يقول...

ما هذه الهمجية؟ وما هذا التوحش؟ اب يقتل ابنه لانه قرر تغير الدين الذي ورثه؟ الا يعرف هذا الاب انه يجهر علانية بانه مجرم, قاتل؟ اهكذا يهون عليه ولده؟ ولماذا يقتله؟ لماذا لا يتبرأ منه ويتركه يعيش حياته التي اختاراها لنفسه؟ هل لو نقص المسلمين فردا واحدا سيندثر من على وجه الارض؟ ما هذا الارهاب الاجرامي؟

هل يمكن ان يكون الهدف هو ترويع الناس واجبارهم على الاسلام للحفاظ على حياتهم؟ هل هذا هو الدين؟ هل هذه هي رسالة الاسلام وغايته؟

ماذا سيستفيد المجتمع من ارغام شخص على حمل بطاقة بها بيانات مزورة؟ انا لا افهم هذا السلوك. ما الداعي لهذا الذعر الغير مبرر؟

لو كان للمسلمين ان يغضبوا فمن الاولى بهم ان يغضبوا من هذا الاب الذي يريد ان يذبح ولده. انه ينقل صورة تسيء للاسلام والمسلمين. لقد امضى محمد حجازي سنوات طوال في بيت والده, ولكن والده لم يستطع ان يقنعه بالدين الذي اورثه اياه. والآن وبعد ان صار هذا الابن رجلا ورب اسرة, لا يجد هذا الاب رد فعل افضل من التهديد والوعيد بالقتل؟

هذه جريمة في حق الانسانية والمجتمع والدين, ولا يمكن ان يرضى اي شخص عاقل باتباع هذا السلوك الارهابي